باولو كويلو - حوالي العام 250 قبل الميلاد ، في الصين القديمة ، كان أمير منطقة تينغ زدا على وشك أن يتوّج ملكًا ، ولكن كان عليه أن يتزوج أولاً ، بحسب القانون.
وبما أن الأمر يتعلق باختيار إمبراطورة مقبلة ، كان على الأمير أن يجد فتاةً يستطيع أن يمنحها ثقته العمياء. وتبعًا لنصيحة أحد الحكماء قرّر أن يدعو بنات المنطقة جميعًا لكي يجد الأجدر بينهن.
عندما سمعت امرأة عجوز ، وهي خادمة في القصر لعدة سنوات ، بهذه الاستعدادات للجلسة ، شعرت بحزن جامح لأن ابنتها تكنّ حبًا دفينًا للأمير.
وعندما عادت إلى بيتها حكت الأمر لابنتها ، تفاجأت بأن ابنتها تنوي أن تتقدّم للمسابقة هي أيضًا. لف اليأس المرأة وقالت : " وماذا ستفعلين هناك يا ابنتي ؟ هناك سيتقدّمن أجمل الفتيات وأغناهنّ. اطردي هذه الفكرة السخيفة من رأسك! أعرف تمامًا أنكِ تتألمين ، ولكن لا تحوّلي الألم إلى جنون!"
أجابتها الفتاة " يا أمي العزيزة ، أنا لا أتألم ، وما أزال أقلّ جنونًا ؛ أنا أعرف تمامًا أني لن أُختار، ولكنها فرصتي في أن أجد نفسي لبضع لحظات إلى جانب الأمير ، فهذا يسعدني - حتى لو أني أعرف أن هذا ليس قدري"
في المساء ، عندما وصلت الفتاة ، كانت أجمل الفتيات قد وصلن إلى القصر ، وهن يرتدين أجمل الملابس وأروع الحليّ ، وهن مستعدات للتنافس بشتّى الوسائل من أجل الفرصة التي سنحت لهن.
محاطًا بحاشيته ، أعلن الأمير بدء المنافسة وقال :" سوف أعطي كل واحدة منكن بذرةً ، ومن تأتيني بعد ستة أشهر حاملةً أجمل زهرة ، ستكون إمبراطورة الصين المقبلة".
حملت الفتاة بذرتها وزرعتها في أصيص من الفخار ، وبما أنها لم تكن ماهرة جدًا في فن الزراعة ، اعتنت بالتربة بكثير من الأناة والنعومة – لأنها كانت تعتقد أن الأزهار إذا كبرت بقدر حبها للأمير ، فلا يجب أن تقلق من النتيجة- .
مرّت ثلاثة أشهر ، ولم ينمُ شيء. جرّبت الفتاة شتّى الوسائل ، وسألت المزارعين والفلاحين فعلّموها طرقًا مختلفة جدًا ، ولكن لم تحصل على أية نتيجة. يومًا بعد يوم أخذ حلمها يتلاشى ، رغم أن حبّها ظل متأججًا.
مضت الأشهر الستة ، ولم يظهر شيءٌ في أصيصها. ورغم أنها كانت تعلم أنها لا تملك شيئًا تقدّمه للأمير ، فقد كانت واعيةً تمامًا لجهودها المبذولة ولإخلاصها طوال هذه المدّة ، وأعلنت لأمها أنها ستتقدم إلى البلاط في الموعد والساعة المحدَّدين. كانت تعلم في قرارة نفسها أن هذه فرصتها الأخيرة لرؤية حبيبها ، وهي لا تنوي أن تفوتها من أجل أي شيء في العالم.
حلّ يوم الجلسة الجديدة ، وتقدّمت الفتاة مع أصيصها الخالي من أي نبتة ، ورأ ت أن الأخريات جميعًا حصلن على نتائج جيدة؛ وكانت أزهار كل واحدة منهن أجمل من الأخرى ، وهي من جميع الأشكال والألوان.
أخيرًا أتت اللحظة المنتظرة. دخل الأمير ونظر إلى كلٍ من المتنافسات بكثير من الاهتمام والانتباه. وبعد أن مرّ أمام الجميع، أعلن قراره ، وأشار إلى ابنة خادمته على أنها الإمبراطورة الجديدة.
احتجّت الفتيات جميعًا قائلات إنه اختار تلك التي لم تزرع شيئًا.
عند ذلك فسّر الأمير سبب هذا التحدي قائلاً :
"هي وحدها التي زرعت الزهرة تلك التي تجعلها جديرة بأن تصبح إمبراطورة ؛ زهرة الشرف. فكل البذور التي أعطيتكنّ إياها كانت عقيمة ، ولا يمكنها أن تنمو بأية طريقة ".
الحكمة : قد تلعب من غير شرف كيف تكسب لكن في النهاية لن يكسب سوى النزيه السوي الذي يؤمن بالاستقام